تولّى عثمان بنسعيد العَمْري خدمة الأئمّة الطاهرين عليهم السّلام وعمره إحدى عشرة سنة، في ظروفأشدَّ ما تكون محنةً وحرَجاً على أهل البيت عليهم السّلام، حيث فرضت السلطةالعباسيّة الجائرة رقابةً شديدة عليهم ـ لا سيّما في أيّام المتوكّل ـ، فمنعت وصولالحقوق الشرعيّة التي تبعثها الشيعة إليهم ليبذلوها في مصالح المؤمنين والمواردالحكيمة.. فكانت الحقوق الماليّة تصل إلى هذا السفير الثقة المأمون، فيجعلها فيزِقاق السَّمْن ويبعثها إلى الإمام الهادي ومِن بعده إلى الإمام العسكري عليهماالسّلام.. حتّى تولّى النيابة عن الإمام المهديّ عجّل الله فرَجَه، وكان في كلّ تلكالظروف ينهض بدَور الوساطة بين الأئمّة عليهم السّلام والموالين، ينقل الأسئلةويأتي بأجوبة الرسائل، ويبلّغ توجيهات الأئمّة إلى
شيعة آل البيت عليهم السّلام(
.
وقد نقل ابن شهرآشوب أنّعثمان بن سعيد هذا كان مِن قبلُ بابَ الإمام الجواد عليه السّلام، ثمّ تدرّج فيخدماته حتّى أصبح السفير الأوّل للإمام المهديّ عليه السّلام في الغيبة الصغرى(9).
وكان باباً للإمام عليّالهادي، ثمّ للإمام الحسن العسكريّ عليهما السّلام. قال الشيخ عبيدالله بن عبداللهالسدّآبادي في ( المقنع ): نصّ الحسن ( العسكري ) عليه السّلام على وَلَده الخَلَفالصالح، وجعل وكيلَه أبا محمّد عثمان بن سعيد العَمْريَّ الوسيط بينه وبين شيعته فيحياته، فلمّا أدركته ( أي الإمام ) الوفاة أمَرَه فجمع شيعتهم وأخبرهم أنّ وَلَدَهالخلف عليه السّلام صاحبُ الأمر بعده، وأنّ أبا محمّد عثمان بن سعيد العَمْريّوكيلُه، وهو بابه والسفير بينه وبين شيعته، فمَن كانت له حاجة قصده كما كان يقصدهفي حال حياته، فلمّا تسلّم... كانت الشيعة تقصده مِن كلّ بلد بقِصص ( أي رِقاع ) وحوائج، وكانت الأجوبة تخرج إليهم على يده.. (10)كذا رُوي أنّ توقيعات ( أيرسائل ) صاحب الأمر صلوات الله عليه كانت تخرج على يَدَي عثمان بن سعيد وأبي جعفرمحمّد بن عثمان ( ابنه ) إلى شيعته ( عليه السّلام ) وخواصّ أبيه أبي محمّد ( الحسنالعسكري ) عليه السّلام بالأمر والنهي، والأجوبة عمّا تسأل الشيعة عنه إذا احتاجتإلى السؤال فيه بالخطّ الذي كان يخرج في حياة الحسن ( العسكري ) عليهالسّلام.
وفاته
كتب الشيخ المجلسي: لم تزل الشيعة مقيمةً على عدالتهما إلى تُوفّي عثمان بن سعيد رضي الله عنه، وغسّلهابنه أبو جعفر وتولّى القيام به، وحصل الأمر كلّه مردوداً إليه، والشيعة مجتمعة علىعدالته ووثاقته وأمانته؛ لِما كان من النصّ عليه بالأمانة والعدالة والأمر بالرجوعإليه في حياة الحسن ( العسكري ) عليه السّلام وبعد وفاته في حياة أبيه عثمان رحمهالله(11).
وكتب السدّآبادي أيضاً: لَمّا دنت وفاة ( عثمان بن سعيد العَمْري ) جمَعَ مَن كان بقي من شيوخ الشيعة،وأخبرهم أنّه ميّت، وأنّ صاحب الأمر عليه السّلام قد أمره بأن ينصّ على ولده أبيجعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العَمْريّ، فمَن كانت له حاجة قصَدَه، وتُوفّي رحمهالله(12).
تأبين شريف
• روى الشيخ الطوسي بإسناده عن عبدالله بن جعفر قال:
خرج التوقيع ( أي من الإمام الحجّة المهديّ صلوات الله عليه ) إلى الشيخ أبي جعفر محمّد بنعثمان بن سعيد العَمْريّ قدّسالله روحه في التعزية بأبيه رضي الله تعالى عنه، وفيفصل