الحسين بن رُوح النُّوبختيّ
مَن هو النوبختيّ ؟أحدالسفراء والنوّاب الخاصّين بالإمام المهديّ عليه السّلام خلال غيبته الصغرى، وشهرةجلالته تُغني عن الإطالة في تعريفه.. إلاّ ما ذُكر فيه أنّه كان على جانبٍ كبير منالتقوى والصلاح، ووفور العقل والعلم، وكان موقّراً عند العامّة والخاصّة، وأنّهينتسب إلى آل نوبخت من جهة أمّه.
عُرِف عن الحسين بن روح قوّة إرادته، وشدّةصلابته في الحقّ، وكان يُؤْثر التقيّة ويجاري محيطه المشحون بالبغض لأهل البيتعليهم السّلام. في الوقت ذاته كان وكيلاً لأبي جعفر محمّد بن عثمان العَمْريّ سنينَطويلة، ينظر في أملاكه ويأنس معه في الحديث، فحصّل في أنفس الشيعة محصّلاً جليلاً؛لمعرفتهم باختصاص العَمْريّ ( وهو السفير الثالث ) إيّاه وتوثيقه عندهم، ونشر فضلهوما يحتمل من هذا الأمر ( الإمامة )، فتمهّدت له الحال طول حياة العَمْريّ، إلى أنانتهت الوصيّة إليه بالنصّ عليه، فلم يُختلَف في أمره(1).
الوصيّة
• روى الشيخ الطوسيّ قال: أخبرنا جماعة عن أبي محمّد هارون بن موسىقال: أخبرني أبو علي محمّد بن همّام رضي الله عنه وأرضاه أنّ أبا جعفر محمّد بنعثمان العمري جمَعَنا قبل موته ـ وكنّا وجوهَ الشيعة وشيوخها ـ فقال لنا: إنْ حَدَثالموت فالأمر إلى أبي القاسم الحسينِ بن روح النوبختي؛ فقد أُمِرتُ أن أجعله فيموضعي بعدي، فارجعوا إليه، وعوِّلوا في أُموركم عليه(2).
نيابته وروايته
• عن الحسين بن عليّ بن بابويه قال: حدّثني جماعة من أهل بلدناالمقيمين كانوا ببغداد في السنة التي خرجت القرامطة على الحاجّ، وهي سنة تناثرالكواكب، أنّ والدي رضي الله عنه كتب إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدّس اللهروحه يستأذن في الخروج إلى الحجّ، فخرج الجواب: لا تخرج في هذه السنة. فأعاد وقال: هو نَذْرٌ واجب، أفيجوز ليَ القعود عنه ؟ فخرج في الجواب: إن كان لابدّ فكن فيالقافلة الأخيرة.
وكان في القافلة الأخيرة.. فسَلِم بنفسه وقُتِل مَن تقدّمه فيالقوافل الأُخَر ( أي على يد القرامطة ) (3).
• وكتبعليّ بن الحسين بن بابويه القمّي ـ والدُ الشيخ الصدوق ـ رسالةً إلى الحسين بن روحيطلب فيها أن يسأل الإمامَ المهديّ عليه السّلام بأن يدعو اللهَ تعالى له ليرزقهأولاداً فقهاء من زوجته ابنة عمّه، فجاء الجواب أنّه لا يُرزق من زوجته هذه، ولكنّهسيملك جاريةً ويُرزق منها ولَدَين فقيهين. فلم تمضِ الأيّام حتى ملك جاريةًدَيْلميّة، فرزقه الله منها ثلاثة أولاد هم: محمّد ـ وهو الشيخ الصدوق ـ، والحسينوكان فقيهاً علماً وآيةً في الفهم والحفظ هو وأخوه الصدوق، وكان الناس يتعجبون منذكائهما ويقولون: إنّ هذا ببركة دعوة الإمام المهديّ عليه السّلام، حيث أبلغهاالحسين بن روح، وهي قوله سلام الله عليه: قد دَعَونا لك بذلك، وستُرزَق ولدَينِذكرَينَ خيّرين(4). أمّا الولد الثالث فهو الحسن،وكان مشتغلاً بالعبادة، مُؤْثراً العزلة والزهد(5).
هذا.. وقد رُويت عن الشيخالحسين بن روح أخبار كثيرة(6).
وفاتهبقي الحسين بن روحسفيراً عن الإمام المهديّ عجّل الله فرَجَه إحدى أو اثنتين وعشرين سنة، وكانالواسطة الأمينة بين الشيعة وإمامهم، تصل على يديه مسائلهم وحقوقهم الشرعيّة، فكانالحسين بن روح يوصلها.. حتّى مرض أيّاماً ثمّ أدركَتْه المنيّة في شهر شعبان سنةستٍّ وعشرين وثلاثِمائةٍ هجريّة.
وقد جُهّز، وشُيّع تشييعاً حافلاً، ودُفن فيمثواه الأخير.. عن أبي نصر هب الله بن محمّد الكاتب، أنّ قبر الحسين بن روح فيالنوبختيّة، في الدرب الذي كانت فيه دار عليّ بن أحمد النوبختي النافذ إلى التلّ،وإلى درب الآخر، وإلى قنطرة الشوك(7)، أي في بغداد خلف سوق الشورجة،والناس ـ إلى يومنا هذا ـ يتبرّكون بزيارة قبره الزاكي.
منقول