علي الروازق عضو جديد
عدد الرسائل : 12 العمر : 53 تاريخ التسجيل : 06/07/2008
بطاقة الشخصية الوطن: ما هو قسمك المفضل في المنتدى:
| موضوع: مفهوم ثار الله الإثنين أغسطس 11, 2008 9:17 am | |
|
مفهوم ثار اللهبسم الله الرحمن الرحيم
«السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ثَارَ اللَّهِ وابْنَ ثَارِهِ والْوِتْرَ الْمَوْتُورَ».
حديثنا هذه الليلة عن هذا المقطع من زيارة عاشوراء.[1]
المعنى اللفظي للكلمات:
الثأر:
وهو عبارة عن استحقاق رد العدوان، ما يستحقه من جزاء وجواب، ولهذا يسمى ثأر الإمام الحسين u ثأر الله, لان الله تبارك وتعالى اعتُدي عليه بقتل الحسين. إنّ الله له ثأر، وله استحقاق أن يأخذ من المعتدين. تقول: أريد ثأري حينما يُعتدى عليك, فثأرك ماذا يعني؟ يعني استحقاق الرد على عملية الاعتداء وأنت تملك هذا الإستحقاق.
وابن ثاره:
الإمام أمير المؤمنين u هو ثار الله أيضاً، لأنّ العدوان عليه هو عدوان على الله تعالى، ومن الحق أن يأخذ الله تعالى القصاص.
والوتر الموتور:
يعني الإمام الحسين كان وتراً موتوراً، واحداً متوحداً، قد استوحده الأعداء فهو وتر موتور، أي لم يؤخذ بثأره بعدُ.
هذا هو المعنى اللفظي، لكن عمق المعنى هو المهم لما تحويه هذه الكلمات: الحسين ثار الله وابن ثاره
بحث عقائدي:
هناك بحث عقائدي أريد أن أنقلكم إليه وعلى مستوى العرض والتحليل المبسَّط، وتقديم بعض التصورات الأوليّة، كما هو عادتنا في هذا البرنامج حيث نحاول أن نقدم لكم أوراداً من الحديقة الإسلامية، في الفلسفة والقرآن والتاريخ باسم أهل البيت عليهم السلام.
هناك بحث مهم فلسفي عقائدي: هل أن الله تبارك وتعالى يخضع للتأثيرات النفسية؟
أنا وأنت من العباد نخضع للتأثيرات النفسية، ننفعل ونغضب حينما يُعتدى علينا ونفرح حينما يُحسَن إلينا وهكذا.
فهل يتأثر الله وهو جبار السماوات والأرض بهذه المؤثرات؟
يقول الفلاسفة: بما أنّه تبارك وتعالى واجب الوجود فإنه فوق التأثيرات، لا يؤثر به مؤثر، ولا يمكن أنه نتصور أنه ينفعل مثل انفعالاتنا، هذا لا يتناسب مع عظمة الله، ولهذا يقول الفلاسفة وعلماء الكلام: إن الله لا يخضع للتأثيرات وكل ما يخضع للتأثيرات هو ممكن[2] والممكن مخلوق والله ليس مخلوقاً وغير ممكن، إذن لا يخضع للتأثيرات.[3]
إذا لم يخضع للتأثيرات فما معنى قولنا في الزيارة: يا ثار الله وابن ثاره؟
صحيح أن الله يختلف عن المخلوقين ولا يخضع للتأثيرات لكن الفهم القرآني يعطينا شيئاً أخر، والفهم القرآني يجب أن يكون هو الأصل عندنا.
إن القرآن _ قبل حديث الفلاسفة وعلم الكلام _ يتحدّث عن شيء آخر هو أن الله سميع وبصير.
يجب أن نبقى مع العطاء القرآني الذي يقول: إن الله يفرح ويغضب فكيف يفسره الفلاسفة؟
القرآن الكريم لا يصف الله تبارك وتعالى بأنه كيان منفصل عن المخلوقين جاف بعيد عن تفاعلات خلقه وكأنه جالس في معزل ومقصورة ولا يأخذ بعين الاعتبار أوضاع الناس. كلا، فان القرآن يصف الله بأنه رحيم، عطوف، حنّان، منّان، رزاق ,سميع، بصير، مجيب الدعوات وغافر الخطيئات.
هذا يعني أن الله معنا في الحقيقة, مرّة يغضب ومرّة يفرح. روي عن النبي صلى الله عليه وآله:
«يا فاطمة إن الله عز وجل يغضب لغضبك ويرضى لرضاك»[4] والقرآن الكريم يقول:
]إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالآْخِرَةِ[.[5]
إن الله إذن يتأذى.
الروايات تقول:
عن أبي جعفر الباقر u قال:
«إن الله تعالى أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضل راحلته وزاده في ليلة ظلماء فوجدها».[6] فالله اشد فرحاً بتوبة عبده من ذلك الرجل براحلته حين وجدها.
فما معنى كلام الفلاسفة: إن الله تعالى لا يتأثر بالمؤثرات، القرآن يتحدث بشكل والفلاسفة بشكل آخر.
لو بقينا مع حديث الفلاسفة، إن الله لا يتأثر بالمؤثرات وهو حديث صحيح من الناحية العلمية والفلسفية.
فانه يعني إنه تعالى لا يغضب، ولا يفرح، ولا يسمع، ولا يبصر...
لكن القرآن يعطينا القِيَم التي نحن نفهمها ونُدركها وينسبها إلى الله تعالى. الله سبحانه يصف نفسه بها: غفور، رحيم، شديد العقاب، مع أننا في الحوزة العلميّة والبحوث الفلسفية ندرس هذا الأمر ونقول أن الله تعالى لا يتأثر بالمؤثرات لكن نحن بحاجة إلى أن نسأل:
صحيح أن الله لا يتأثر، وهو واجب الوجود، لكن الله في الوقت ذاته سميع، بصير، يسمع ويبصر ويحب ويكره، ويرضى ويغضب وغير ذلك.[7]
يجب أن نقدم عطاءات، وتفسيرات تنسجم مع الطرح القرآني حتى في دراستنا الحوزوية، ولا نبقى على الطريقة اليونانية في دراسة الفلسفة، أو الطريقة المعتزلية في علم الكلام, ولهذا يجب أن نفهم قرآنياً أن الله تعالى يتفاعل مع الأحداث _ سمّه تأثراً, اَنفعالا أو أي شيء آخر, القضية لا ترتبط بالأسماء _ يتفاعل مع الواقع الحياتي للناس تفاعلا سلبياً أو ايجابياً، يتفاعل مع حزن عبده ومصيبته وصبره، هنا جاء فلاسفتنا وقاموا بعمليتي تأويل:
التأويل الأول: إن معنى «الله تعالى يغضب ويرضى» هو أن رسول الله يغضب ويرضى، ودليلهم قوله تعالى:
]الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [[8].
أي كان رسول الله صلى الله عليه وآله يضع يده فوق أيديهم ويد الله تعني يد رسول الله. فهل هذا صحيح؟
لقد جاء هذا المعنى في بعض النصوص الشريفة[9] ولكن ليس بمعنى نفي الرضى والغضب عن الله، وكذلك نفي سائر الأفعال عن الله تعالى بل أن القرآن الكريم يصرّح بالقول:
]وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى[ [10].
هنا لا نستطيع أن نقول: ان رسول الله وحده هو الذي رمى لأن القرآن يقول صريحاً: ولكن الله رمى وليس أنت، هذا التأويل اذن لا مبرر له, فالصحيح أن يد رسول الله فوق أيديهم ويد الله فوق أيديهم أيضا, رسول الله رمى ظاهراً والله رمى في واقع الأمر أيضاً , وهكذا (يرضى الله لرضاها) يعني هناك رضى الزهراء وشيء آخر هو رضى الله سبحانه, فإذا جعلت العملية عملية اندكاك بان اعتبرت رضا الله هو رضى الزهراء عليها السلام وليس هناك شيء آخر اسمه رضى الله فانه تحريف للنص، ولا يقبل به أي عربي يقرأ قوله صلى الله عليه وآله: «فاطمة بضعة مني يرضى الله لرضاها» أن الفهم الصحيح الذي يتكون عند كل من يسمع هذه النصوص هو ان الله تعالى له رضى، وغضب وغير ذلك ولا مبرّر لنفي هذه الصفات عنه تعالى, وعليه فان هذا التأويل الأول مرفوض جداً ولا يمكن قبوله.
التأويل الثاني: لكي لا ينـزعج أرسطو وفلاسفة اليونان والاغريق وكانت وديكارت وإفلاطون وابن سينا _ يقول التأويل الثاني إن تأثر الله تبارك وتعالى وغضبه يعني عقوبته, ورضا الله يعني جنته,[11] فلا توجد حالة نفسية عند الله تعالى وانما المسألة هي مسألة ثواب وعقاب وجنة ونار، ومشكلة هؤلاء الفلاسفة هي أنهم يتصورون أن هذه الحالة النفسية لدى الله تعالى بالشكل. التي هي عندنا غير موجودة عنده تعالى، فمعنى يرضى إذن يثيب ويُنـزل المطر، ويرزق وهكذا، ومعنى يغضب يعاقب ويحدث زلزال، وفيضان وبلاء ومرض وغير ذلك.
وهذا كلام لا يمكن قبوله ايضاً، لانه تعاملٌ مع الله تعالى على أسس جافة جداً لا يقبلها القرآن الكريم في جملة ما يطرحه من تصورات عن علاقة الله بعبادة، ولا يقبله، فان الله يغضب ويفرح ويستبشر بتوبة عبده وما شاكل. أما إن رضاه يعني الجنة والثواب فقط دون أي تفاعل ودّي مع العبد المؤمن فهو أمر يصطدم مع التعاطي الديني مع قضية الله تعالى. الحقيقة ان الجنّة هي نتيجة الرضا، والنار نتيجة الغضب الإلهي. أما أن نفترض عدم وجود شيء لدى الله وهو القدرة المطلقة التي تفرح للعبد إذا تاب، وتحزن إذا أصيب المؤمنون بمصيبة وإنما هي أمواج كونية تصير مرة زلزالاً، ومرة مطراً، ومرّة ناراً ومرّة جنة فأين الله؟ وهذا لا يقبله ظاهر القرآن أيضاً.
وعلى كل حال نحن مضطرّون لفهم أن الله تبارك وتعالى يتفاعل مع الإنسان _ سمّه انفعالاً أو تأثراً أو حالة نفسية، فان الله فوق هذه الحالات عندما يصف الله نفسه بالمتكبر، هل تستطيع أن تقول: أن متكبر يعني ضخم وعال جداً؟ كلا فان متكبر يعني التكبر بالمعنى الذي تعطيه اللغة العربية من دلالة، لكن ليس بالضرورة أن يكون بالطريقة الإنسانية حيث أننا نتأذى فنضعف، وهمّتنا تنهار، أو نصاب باحباط، والله ليس كذلك فانه يغضب ويفرح ولكن ليس على مستوياتنا وكذلك معنى متكبّر فانه ليس بالطريقة التي يُصاب بها الانسان وإنما بالمعنى الايجابي للتكبر وهو العلو والتفوق الحقيقي على الاشياء واستحقارها واستصفارها عند المتكبّر. والآن لنَعُد إلي النص القرآني والفهم الديني.
هذا النص النبوي: «فاطمة بضعة مني يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها».
وقوله تعالى: ]إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالآْخِرَةِ[.[12]
يعني يوجد فعل صادر من الإنسان وفعل آخر مقابله صادر من الله تعالى، ولهذا يعطي القرآن الكريم رؤية لفهم هذه المصطلحات.
الله إذن يغضب ويحزن وله ثأر ومؤاخذة وانتقام وهو معنى ثار الله.
إذا تجاوز العبد على كبرياء الله وجبروته فان الله تعالى يثأر لكبريائه وجبروته، نعم نحتاج إلى صياغات كي يرضى بها الفلاسفة وعلماء الكلام، وهذا له مجالاته. أصل الفكرة هي هذه.
قصة بريدة الأسلمي:
الآية القرآنية: ]إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالآْخِرَةِ[ لها قصة هي أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث ذات يوم جيشاً أمّر عليه أمير المؤمنين _ وكان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يرسل جيشاً وفيهم أمير المؤمنين إلاّ وكان علي هو الأمير، ونحن نتحدى كل التاريخ أن يعطينا غزوة واحدة ومعركة واحدة وأن تكون سَريَّة واحدة فيها علي ولم يكن أميراً _ فلما انتهت المعركة، كانت هناك غنائم، ومن جملتها جوارٍ، اصطفى أمير المؤمنين u لنفسه جارية، يعني اشتراها _ كما تقول الرواية _ بثمن لأنها راجعة للمسلمين فتباع فيعود ثمنها للمسلمين فمن حقه أن يشتريها بعد أن قيّمت بالقيمة المتعارفة فثارت ثائرة المنافقين _ هذه الرواية يرويها إمامنا العسكري, وكذلك أصحاب الصحاح من أبناء العامة _ كما جاء في مسند أحمد بن حنبل[13].
جاء بريدة الاسلمي _ وكان من الذين كانوا تحت إمرة علي _ ووشى به عند رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: يا رسول الله: أنت أمّرت علينا علياً، لكنه غير لائق بهذا الموقع، اشترى جارية ونحن في معركة، بينما شأن القائد هو أن يبتعد عن هذه القضية.
أعرض رسول الله صلى الله عليه وآله عنه إلى اليمين كما تقول الرواية، فجاء بريدة إلى يساره صلى الله عليه وآله وقال: يا رسول الله علي هكذا صنع، أعرض صلى الله عليه وآله عنه إلى اليسار, فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله حتى بان الغضب في وجهه، فجاء المسلمون وقالوا: يا بريدة إنك أغضبت رسول الله صلى الله عليه وآله، أما تسمع قوله تعالى ]إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالآْخِرَةِ[ ما لك تؤذي رسول الله؟ فقال بريدة: يا رسول الله، ليس قصدي أن آذيك. قال صلى الله عليه وآله: أما علمت أن علياً مني، من آذى عليا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله.
هذا يعني أن الله تعالى يتأذى، يفرح ويغضب، وهكذا توجد بعض الروايات في هذا الشأن.
[1.
| |
|
نور المنتظر مراقب عام
عدد الرسائل : 306 العمر : 46 تاريخ التسجيل : 20/06/2008
بطاقة الشخصية الوطن: بلاد اخرة ما هو قسمك المفضل في المنتدى: الواحات الإسلامية
| موضوع: رد: مفهوم ثار الله الجمعة أغسطس 29, 2008 4:22 pm | |
| | |
|